عفوًا زوجتي ..!
( لا تجعليني كل حياتك )
#قصةواقعية تتكرر كثيرا مع اختلاف بسيط..
لما عاد أمجد من سهرة جميلة ذات مساء قضاها مع أصحابه إلى بيته ..
لاحظ علامات الضيق والضجر بادية على قسمات وجه زوجته ( لمياء )
بادرها بالسلام ولكن كان ردها باردًا
يحمل في مضامينه عدم رضى وانزعاج من خروجه ..
امتعض أمجد وبدأ الأنس والسرور الذي عاشه أثناء تواجده خارج البيت بالتبخر والتلاشي تعكر مزاجه وتمتم بكلمات :
سامحها الله إنها تفسد لحظاتي الجميلة !
اقترب منها محاولاً أن يعرف سر غضبها وحنقها ويمتصه ..!
فقالت باكية شاكية : أنت لا تهتم بي . أنا أخر اهتماماتك ..!
متعتك ليست معي مع أصدقائك ..
*أنا جعلتك كل حياتي!
فكيف لا أتضايق لخروجك وبعدك عني
وأنت لا تشعر بذلك !
قال أمجد متنهدًا متألمًا محاولاً اقناعها :
لكنني يا غاليتي لم أطلب منك أن أكون كل حياتك ولا أرغب بذلك ..!!!!
نظرت إليه بتعجب! قائلة :
كيف ذلك وأنا جعلتك همي الأول ..؟
أمرك يشغلني حقا..!
حرمت نفسي من صديقاتي من أجلك !
اختصرت زياراتي لأهلي حتى أكون معك أكبر وقت ..!
حينها تنفس أمجد الصعداء متضايقا
وفكر ثم أمسك ورقة وكتب فيها :
( زوجتي ..
عندما تزوجت حلمت أن أجد سعادة تملأ حياتي
وواقع أفضل من واقعي قبل الزواج ..
والسعادة التي حلمت بها لا تستطيعين مهما امتلكت من قوة
أن تمنحيني إياها وأنت تعزليني عن أصحابي وهواياتي واهتماماتي ..
غاليتي ..
أدرك حرصك علي واهتمامك بي .. وأقدر ذلك
ولكني بشر يصعب علي أن أعيش لك ومعك فقط ..!
حبيبتي ..
من الصعب أن تضعيني في قمقم اهتمامك وأكون سعيدًا ..
اعتماديتك الزائدة تقتل حبنا وتنهي علاقتنا ..!
أعلم يا زوجتي أنك تشعرين بالضيق إذا خرجت لساعات عنك،
ولكني إذا جلست معك طوال الوقت سأقيد حريتك في إنجاز ما ترغبين .
سأجلس متابعًا قناتي المفضلة صامتاً ..
أو أقلب بجوالي وأنت تؤجلين عملاً من أجلي ..
ولكني إذا خرجت لبعض الوقت سأعود بنفسية جميلة ؛
وقد أحمل لك حكاية حلوة أو طرفة ممتعة ..!
فلا تجعل من خروجي همًا يشغلك :
أين هو ؟ مع من يجلس ؟ ماذا يفعل بدوني ؟ متى يعود ..!!
أرجوووك استمتعي بالوقت الذي أتركك فيه ..
فأنجزي مكالمة لصديقة عزيزة على قلبك ..!
أو قلبي بأوراقك وأتلفي المتراكم منها ..
اقرئي كتابا .. وألفي وأبدعي..
أو احضري دورة تدريبية عن بعد وانت بالبيت
تناسيني لساعات ..
غيري في ترتيب أثاث المنزل ..
استعدي لسهرة مميزة في تلك السويعات ..!
ولا تنشغلي بي ..
استمتعي بوقتك ..! بحياتك الحقيقية
ما أجمل أن تدللي نفسك ؛ وتدعيني استمتع بوقتي
وإذا التقينا نستمتع معًا بلحظتنا 100%
يا شريكة دربي ..
الحب أساس الحياة الزوجية ..
ولكن الاهتمام الزائد وتضييق الخناق والمتابعة يقتلها ؛
ويذبل جميع متع الحياة ويعرضها للاحتضار ؛
لأن الرجل بطبيعته يمقت الملاحقة والالتصاق الكبير المقيد لحركته ، والحاجز بينه وبين هواياته ..!
يخرج الزوج ليجدد روتين حياته ..
ألا تعلمين أن أحد علماء النفس شدد بترك ثقوب في علاقة الزوجات بأزواجهن ..!؟
ويقصد بالثقوب إتاحة حرية الحركة ..!
والزوجة الذكية هي من تتقبل خروج زوجها بعيدا عنها لساعات ،
أو أيام دون تثاقل وملل أما تذكرين قدوتك أم المؤمنين خديجة-رضي الله عنها- حينما كان رسولنا عليه الصلاة والسلام يتحنث بغار حراء الليالي ذوات العدد وتحضر له الطعام بلا ملام ..
فما أجمل أن تجعل من هذه الساعات والأوقات متعة وفائدة تشغل نفسك بعمل ينفعك بدنياك وأخراك
عمل يدخل البهجة لقلبك حتى يعود زوجك وتستقبليه
وأنت متجددة مبتسمة
فيعود لم بنفسية ومزاج مرتفع ..
إن الزوجة الذكية تستقل بعواطفها لتمنح الرجل عاطفته ليعود إليها متشوقًا
فكلما ابتعدت الزوجة عن حصار زوجها كلما بحث عنها ..
فالاعتمادية الزائدة والكاملة والاحتياج المقيد للرجل يمله الرجل ،
ويمقته ويحارب للحصول على حريته ..
فالمرأة الذكية من تبتعد عن الأنانية ، وتعطي الزوج الثقة والارتياح
ليعود إليها حبًا وشوقًا لاخوفاً وإغلاقاً لباب النكد ..
فأسراب الطيور تغرد بعيدًا وتعود إلى أعشاشها ..
لابد أن تفهم كل زوجة وكل زوج أن الزواج
إضافة جميلة ورائعة لحياة كل منهما؛
وليست استقلالية عن حياة سابقة وانسحاب من الأهل والأقارب والأصدقاء ولكن بحدود ؛ وإعطاء كل ذي حق حقه ..
فالمرأة التي تموت إذا فقد الزوج أو تسود الدنيا بعينيها
إذا انفصلت عن زوجها ؛ وتفقد بهجة الحياة وزينتها إذا تزوج بأخرى ؛ وتصاب بالهم والحزن إذا سافر لعدة أيام وتركها ؛
فهذه ستكون رهينة للأمراض ..
وتجعل من السكن الزوجي مرتعاً للنكد ومقبرة للحب ..!
فالمرأة التي تشعر أنها إضافة جميلة ..
تقدم شيئًا كبيرًا للرجل ؛ وليست زوجة جعلت الرجل
همها وشغلها الشاغل بالملاحقة والمحاصرة ؛
لا بل بالتبعل وتوفير الجو المريح الهادئ
الذي يسكن إليه الرجل ويبحث عنه ..
أما المرأة التعيسة هي من تجعل وجود الرجل بقربها ومشاركته لها
في كل حركاتها وسكناتها مصدر سعادتها الوحيد ..
فكيف بمن تهجر زوجها أيامًا ؛ وتذيقه مرارة الهم والنكد ،
لأنه خرج عنها لسويعات ..
أوغفل عن حدث يهمها ، أو نسي طلبًا لها ..!
من أجل ذلك يازوجتي لم أطلب منك أن تتفرغي لبيتك وأطفالك فقط ؛ ومنعتك من ممارسة هواياتك والتواصل مع أقاربك وصديقاتك ؛ لأنني أول المتضررين من الفراغ الذي ستعيشينه ..
أعطيتك وقتك فاعطيني وقتي .. !
فأنا كيان مستقل وروح متفردة لها متطلباتها ..
وقد اخترتك يالغالية لتشاركي رحلتي
وتكوني عونا لي على الخير والستر والبر ..
كما أنا عون لك على كل ذلك يا رفيقة الدرب !
فلنجعل هذه الرحلة سعيدة مريحة متناغمة
بقرار مشترك وعطاء متبادل حتى تستمر الحياة بسلام ووئام .
وليس معنى أن شريك الحياة أغلى الناس أن نهمل بقية الحقوق
فإن لربنا علي حقا ،ولنفسنا علي حقا ، كما أن لأهلنا علي حقا ،
والحقوق كثيرة، فلنعط كل ذي حق حقه.
قال تعالى: ( والعصر* إن الإنسان لفي خسر*
إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر )