مصنف ضمن:

قصيدة بها تأملات عميقة في النفس البشرية





قصيدة استوقفتني منذ أيام الجامعة..

للعلامة الأديب محمود محمد شاكر" أبوفهر" رحمه الله

هل منكم من له فهم لها..؟ وهل تعلمون هو يخاطب فيها من..؟

متشوقة لأسمع ردودكم.. قبل أن أخبركم بما رأيته فيها

"لا تعودي" 


لا تعودي أحرقَ الشكُّ وجودي.. لا تعودي 
اذهبي ماشئِت أنّى شئت في دنيا الخلود
واتركي النار التي أوقدتِها تقِضمُ عُودي
هي بردٌ وسلامٌ يتلظّى في برودي!! ..
فاسعدي في شِقوة الروح... ولكن لا تعودي




* * * 


أنت والأقدار!..
كم قاسيتُ منهنَّ ومنك!
هي تأتي بيقين خائن في إثرِ شَكِّ 
ثم أنت الشك في إثر يقين لم يخنكِ
وأنا سائلُك الحيرانُ عنهن وعنكِ 
فأجيبي واذهبي إن شئتِ.. لكن لا تعَْودي 

* * * 

اللّظَى زادي!! فهل ينفعني زادٌ مميتُ؟ 
اللّظَي روحُك؟ أم روحي سعيرٌ مستميتُ؟ 
كلَّما مّرت به النسمة من وجدي حَييتُ
أهي تحييني إذا مرت بناري أم تميتُ؟ 
خبرًّيني، واذهبي إن شئتِ،، لكن لا تعودي


* * * 


أنا كالنار تغشاها من الموت رمادُ! 
أحديثٌ منكِ يُحْييني أم الصمتُ المُعادُ؟
أم نسيمُ الحبّ؟ أم هجرُكِ؟ أم هذا الِبعادُ؟ 
أأنا حيٌّ ولا أدري أم الحيُّ الجمادُ؟
خبًّريني واذهبي إن شئت.. لكن لاتعودي


* * * 


هذه الّريبةُ في روحيَ من سرّ حياتي 
بَعثتْ وجَـْدي فدبَّ الشوقُ منها في رُفاتي 
فَجَّـرَتْ أَغْمَض ما أخفيتُ في جَوْفِ صِفاتي 
فإذا وَرْدُكِ نجوايَ وأشواكي شكاتي 
اسمعيها، واذهبي إن شئتِ.. لكن لا تعودي 


* * * 


أنت!! ما أنت سوى شكَّيَ في طول حنيني 
كلُّ ما فيك من الأوهام حقٌّ في يقيني 
المنى والوجدُ والصَّبوةُ نبعٌ من ظنُوني
أنتِ إيمانيَ، بل كُفريَ بل أنتِ جُنوني 
أنتِ لا أنتِ، اذهبي إن شئتِ.. لكن لا تُعودي! 


* * * 


ماسمائي؟ هي إظلامٌ ورعدٌ وبُروقُُ
لا أرى نجمي ولا فيها غروبٌ أو شروقُ 
صَخَبٌ يهدِمُ بُنْياني، ورعبٌ، وخُفوقُ 
ووميضٌ هو في روحي حريقٌ وفتوقُ 
اشهدي ثم اذهبي إن شئتِ.. لكن لا تعودي 




* * * 


ثم ما أَرْضيَ؟ زلزالٌ، وجدبٌ وصُدوعُ 
ظمأٌ يغتالُ آمالي، وأشواقٌ تَلوعُ 
هذه الأوهام من حوليَ أطيافٌ تَروعُ
أينَ؟ لا أينَ.. ضلالٌ بل خِداعٌ بل هُلوعُ 
أقبلي ثم اذهبي إن شئتِ.. لكن لا تعودي 


* * * 

*****

حَيرْتي فيكِ وفي نفسيَ من طولِ انتظاري 
حَيرْة الذرّةِ في الرّيح بمجهولِ القفارِ
تشتكي للَّيل ما تلقاهُ من شمس النهارِ
لا كؤوسُ الغَيْث ِتسقيها ولا الموتُ يُواري 
اذهبي ثم اذهبي إن شئتِ.. لكن لا تعودي 





* * * 


أنا في العزلة لا آنِسُ إلا بارتيابي 
الأفاعي الصُّمُّ والوحشُ الضواري من صِحابي 
في دمي تشتفُّ أو تنهش روحي وإهابي
فتعالَيْ، واسألي كيف رأتني..؟ لاتَهابي 
اسمعيها، واذهبي إن شئتِ.. لكن لا تعودي 


* * * 


كيف لا تأنسُ في الرّيبة بنتُ الُظلُماتِ؟
مُهْجتي.. أُمُّ الخصام المُرِّ مهدُ النَّزواتِ
خُلقَتْ لليأْس والبأس وطَيِّ الحسَراتِ
وارتكابِ الفرَحَ النَّشوان فوقَ العبراتِ
لا أبالي.. فاذهبي إن شئتِ.. لكن لا تعودي


* * * 


ما دمائي.. ؟ هي أشواقيَ من جرحي تفيضُ!
شُعَلٌ ذابتْ من اللذات أو وَجْدُُ غوَيضُ 
ليتها تبقى كما تبقى الأماني لا تغيضُ 
حَبّبَ الشكَّ إلى قلبيَ إيمانٌ بغَيضُ 
أنتِ جرحي.. فاذهبي إن شئتِ.. لكن لا تعودي


* * *


قد صحبتُ اللَّيلَ، والليلُ اكتئابٌ وارتياعُ 
ظُلُمات الصمتِ لا ينفذُ فيهنَّ شُعاعُ
حسرةٌ تطوى على أخرى وَهَمٌّ وضَياعُ
وأحاديث لها في النفس هَدٌ ونِزاعُ 
أَنْصتي ثم اذهبي إن شئتِ.. لكن لا تعودي 


* * * 


قلتُ: يا نجميَ! هذا الليلُ فاسطَعْ وأَعِنّي 
اِهْدِني.. هذي فلاةٌ ودليلٌ ضلّ عنيّ 
كلُّ ما أَخشاه أو أرجوه قد أفلت منيّ 
اهدني.. أولا..
لقد ضعتُ، فغِبْ يا نجمُ! إنّي لا أبالي..
فاذهبي إن شئتِ.. لكن لا تعودي 


* * * 


أنت يا نجميَ! كالذكرى عذابٌ وارتياحُ
ظَفَرٌ يخبو وقد ضّرم آمالي الطماحُ
لكما في النفس أضواءٌ تُدَمّيها الجراحُ 
هكذا السعدُ إذا مالامَهُ نَحْسٌ مُتاحُ
أنتِ نجمي..
فاذهبي إن شئت.. لكن لا تعودي


* * * 


ساعةٌ فرَّتْ إلى الذكرى.. إلى غيرِ مآبِ 
تتجلّى كالخلود الغضّ في بَرْقِ الشَّبابِ 
سعَّرَتْ للّراحلِ المُنْبتِّ هَمّي وطِلابي
فَهْي تختالُ لتُضْريني من خلفِ ِحجابِ 
مزًّقيه، واذهبي إن شئتِ.. لكن لا تعودي 


* * * 


هَلَكَ الماضي..! أما تهِلكُ ذكراه فتفنى!! 
أَهْوَ مالُ الحيّ في دنياه يحويهِ لِيغْنى؟! 
أم ثمارُ العمر قد أنضجها الشوقُ لِتُجْنى؟! 
أم هو الشُّح الذي لَوَّعَ أرواحاً وأضَْنى؟َ 
لستُ أدري... فاذهبي إن شئتِ.. لكن لا تعودي


* * * 


هذه الساعاتُ تنسابُ كأَنْ لم تَكُنِ 
هي كالحيات غابَتْ في كهوف الزمن
رُقيَةُ الذكرى أطارت حيَّةً من وسَنَِ
فأَرتْني القَلْبَ نَشْوانَ بِسُمِّ الفِتَنِ 
فتنةَ الماضي! اذهبي إن شئتِ.. لكن لا تعودي


* * * 


أَهِي الجنُّ تجلَّتْ لي أرَاها وتَراني؟
وسوستْ لي الشكَّ في صمتك عني كي أعاني؟
أسمعُ النَّبْأةَ تأتيني بغيب كالبيَان؟!
فَهْيَ حَّقٌّ ملء أسماعي، وحقٌّ في عياني؟! 
أصْدِقيني، واذهبي إن شئتِ.. لكن لا تعودي


* * * 


أَمِنَ الإنسِ تغارُ الجّن؟ أم كيف أَقولُ؟
أَهْيَ منهنَّ التي تَخِْتلُ عقلي وتَغولُ؟
هذه الأشباحُ في شَكّيَ تبدو وتَزولُ؟!
كُلّما آمنتُ.. لاريبَ.. أتى الريبُ يجولُ 
فإلى الجّنِ.. اذهبي إن شئتِ.. لكن لا تعودي 


* * *


ذَكّري تلكَ التي تُخْفي عذابي واحتراقي.
هيَ أدرى منكِ لا شكَّ.. ولكني أُلاقي 
اسأليها السِّلْم فالسِّلمُ نجاةٌ من فُواقِ
واذكرا أنيّ على حربكِما لستُ بباقِ
ذَكِّريها، واذهبي إن شئتِ.. لكن لا تعودي


* * * 


لا تعودي أحرقَ الشكُّ وجودي..
لا تعودي اذهبي ما شئتِ أنّى شئتِ في دنيا الخلودِ
واتركي النارَ التي أوقدِتها تقِضمُ عُودي 
هي بردٌ وسلامٌ يتلظَّى في بُرودي ...
فاسعَدي في شِقْوةِ الروحِ ولكنْ.. لا تعودي 


* * * 


أنا.. لاكنتِ ولا كان قصيدي أو نشيدي 
لوعةٌ تملي على الأكوان آلامَ العَبيدِ 
أنا في الرقِّ أُعَاني ثَورة الحُرِّ العنيدِ 
أَتحدَّاكِ ولكنيّ ذليلٌ في قُيودي 
لا تَرِقِّي، واذهبي إن شئتِ.. لكن لا تعودي


* * *


نَفَثاتُ السِّحرِ تَنَسابُ الأفاعي في رُقاها 
هي بنتُ اللَّيلِ والأوهام لكني أَراها
كُلَّما نازعتُها السيْر رَمتْني في خُطاها
نفثاتُ السحر! ما يفعلُ في روحي صَداها؟
أنْفثيها، واذهبي إن شئتِ.. لكن لا تعودي


* * * 

هذه الزهرةُ من نُضْرتِها نفحُ الجَمالِ 
الشَّذى والحسنُ حُرّاسٌ على سرّ الجَمالِ 
أذْبَلتْها زفزةٌ مني.. ولكنْ لا أبالي
فأنا النّارُ، وكالنارِ ارتْيابي واشتعالي 
لا أبالي فاذهبي إن شئت.. لكن لا تعودي..!




نشرت في مجلة (الأدب الإسلامي)عدد(16)بتاريخ (1418هـ)

أخبروني ماذا تفهمون من هذا البوح..؟

من هذه الوقفات..؟ من هذه النفثات ؟

لاشك أنها لها أصداء صاخبة في ذات كل منا.. فما هي؟

0 التعليقات :

إرسال تعليق

Copyright @ 2013 مرام الامل